في محنة الشّعر
" ألقاها في بيت الشاعر عرار (مصطفى وهبي التل) بمدينة
إربد، في الاحتفال الذي أقيم لمرور مائة عامٍ على ميلاده " .
(1)
هاتِ اسقني خَمْرَ القصيـــــدِ
|
||
إني ظـمئــــــتُ إلى المـــزيدِ
|
||
هاتِ اسقنيـــــها (مصطفى)
|
||
تنســـابُ من ناي الخلــــــودِ
|
||
لا ترتوي منـــــها النّفوسُ...
|
||
كبسمــــــةِ الطفــــل السَّعيــدِ
|
||
كمهابــــــة البـــدْرِ المـنوِّر...
|
||
في دياجــــــــيرِ الـوجـــــــودِ
|
||
كنضارة الزَّهْـــرِ النضيــــــــدِ
|
||
يميسُ في الروضِ المجـــودِ
|
||
قد عـتّقتــــــــها (أمّ قــيسٍ)..
|
||
ثَــمَّ، من عَـهْــــــدٍ عـهيــــــدِ
|
||
في صفوِ إسمكِ... في اشتعالِ
|
||
فــؤادك الشَّهــــــم النجيــــــدِ
|
||
في روح روحـــــــك.. في
|
||
شذا (الأردنّ) من خُـلْدٍ وبيــدِ
|
||
في طهـــــــرِ ساح القُــــدْسِ..
|
||
تفخـرُ (بالوليد) و(بالرشيــدِ)
|
||
في لـونِ (عجلـــــــونَ) التي
|
||
تختــــــــالُ زاهـيــــةَ البُـــرودِ
|
||
في روعـــــة (الدَّحْنــــــــون)...
|
||
يبسمُ في السهولِ وفي النّجودِ
|
||
في سِحْر (إربدَ) في المساءِ
|
||
... وطلعة الفجـــــرِ الوليـــــدِ
|
||
في زَهْوِ زيتون (الطفيلـــــةِ)
|
||
... في ذُرا الجبـــــلِ الوطيــدِ
|
||
في لذَّة القُبلاتِ من (عــمَّانَ)
|
||
فاتنـــــــــــــةِ (الخــــــــــدودِ)
|
||
(2)
لا تبخــلنّ.. فغـيرُ شِعْـــــرك
|
||
ما رضـــــعنا.. في المهــــــودِ
|
||
كان الحليبَ لنا.. وكان الخبزَ
|
||
في جَيْـــــــــــبِ الشَّـــــــــــريدِ
|
||
ذوْبُ القلــــــوب ونبضُـــــها
|
||
في كـــــلِّ وادٍ أو صعـيـــــــــدِ
|
||
ينســـــابُ من عَرَقِ الفقيرِ..
|
||
وجوعـــــــه القاسي العــنيــــدِ
|
||
من دمعـــــــــــة المظلــومِ..
|
||
والمحــروم.. من آه الطَّـــــريدِ
|
||
من صرخـــةِ الحـــــرِّ المكبَّلِ
|
||
في القيــــــــــودِ.. مع العبيــــدِ
|
||
من أنّةِ (الخـــــــربوش).. مِنْ
|
||
شَبَّابـــــــــة الراعــي الوحــــيدِ
|
||
من لوعةِ الحبّ المــجــــرَّح..
|
||
بالصّـــــــــدودِ.. وبالوعــــــودِ
|
||
من أغنياتِ الروحِ سالتْ..
|
||
مـن مــــــــواويل الكــبـــــــــودِ
|
||
(3)
هات اسقني..، مـــــاذا أبثّ
|
||
(عرارُ)، من وَجَـــــعِ القصـيــدِ
|
||
والشِّعر بعــــدك قد هـــوى
|
||
في الداجـــــياتِ من اللحـــــــودِ
|
||
والأبينــــاء الصادقــــــــون..
|
||
قَضَــوْا.. دِراكاً، في القيـــــــودِ
|
||
لم يبقَ.. ثَمَّ، سوى المهرّجِ..
|
||
والمــخـــــــــرّبِ.. والبليــــــــدِ
|
||
أنّى نظــــــــرتَ.. (فباقـــــــلٌ)
|
||
نَحَـــــرَ (البيـــانَ) من الـــوريدِ
|
||
أو (كاذبٌ).. زَعَـــمَ السماءَ
|
||
تمـــــــــدّه.. عـــند الهجـــــــودِ
|
||
أو (أشـــــرمٌ) ذو لوثــــــــةٍ
|
||
يعــــدو على (البيت) المجيـــــدِ
|
||
أو (سامـــــــــريّ) ماكـــــــرٌ
|
||
يُحيي لنا (عِجْــــــــلَ) اليهــــودِ
|
||
أو (أعورٌ).. يمشي، يقول:
|
||
" أنا الإلــــه... فمن عبيــــدي"
|
||
فِتَــــــــنٌ.. يشيـــــب لهولها
|
||
يا (مصطفى).. رأسُ الوليـــــــدِ
|
||
(4)
|
||
لا تبخلــــــــنَّ..، فنحـــــن في
|
||
زمـــــن (الحداثــــة) و(الجــديدِ)
|
||
نتـجرّعُ الشعـــــرَ (الحديث)..
|
||
تجــــــرُّع المـــــاءِ الصّـــــــــديدِ
|
||
وكأننا أهــــــــلُ (الجحيـــــــم)..
|
||
فليــس عـنــــه من مـحيـــــــــــدِ
|
||
غَضَبُ الإلــــــهِ وسوطُــــــــه
|
||
صُبّا عـــــلينا.. من عهـــــــــودِ
|
||
كم ذا نصيـــحُ.. وكم نضـــجُّ
|
||
فـــلا نرى غـــيرَ الصّــــــــــدودِ
|
||
كم ظاميءٍ.. رام (الجديدَ)..
|
||
قــضى من الظّمــــــأ الشَّــــــديدِ
|
||
جــاس الديارَ.. فلم يجــــــدْ
|
||
مـن منهـــــــلٍ عــــذْب الـورودِ
|
||
أضحى (الجديدُ) هو الذي
|
||
يأتيك من خـــــلف الحــــــــدودِ
|
||
بالسطــــــــوِ.. بالتقليــــــدِ...
|
||
بالتهـريبِ..(بالطّــردِ) البريدي
|
||
لا تخدعنَّ بكثرةِ (الصَّفحاتِ)
|
||
و(الضَّـــــــــــوْءِ) المــــــــــديدِ
|
||
هي كالغُثـــــــاءِ.. خَــلَتْ من
|
||
الفنِّ الجميـــــــل أو المـفيـــــــدِ
|
||
وهو السَّراب.. يلوحُ للعطشان
|
||
مــــــــــــــاءً.. مـن بعـــيــــــــدِ
|
||
(5)
|
||
قُـــــمْ (مــصطفى).. بدّدْ لنا
|
||
ليـــــلَ (الرَّطـاناتِ) المــــــريدِ
|
||
واجعـــــــلْ ســــبيلَ القـــولِ
|
||
لاحبـــــــة المعـالمِ والبنـــــــودِ
|
||
وأعـــدْ لنا.. نبضَ (البيانِ)
|
||
بشعلـــــــــةِ اللفـــــــظِ السَّــديدِ
|
||
بالصِّدقِ.. تشربه الحروفُ
|
||
دمـاً، فتشـــــــــرق كالــــورودِ
|
||
يَبِسَ القريضُ..، فمن سواكَ
|
||
بــــه يروّي كــــلَّ عــــــــــــودِ
|
||
ويعيــــــده.. غــضّاً، بهيجاً
|
||
زاهـــــــــراً.. بعد الهمــــــــودِ
|
||
انفخْ... بهذا الشِّعرِ
(إسرافيلُ)
|
||
إنَّ الشِّــعــــــــــرَ مــــــــــودي
|
||