الشاعر الغريب
(1)
...
هو غُصْنٌ...
يابسُ الجنبين،
في الأرضِ الجدوبِ
نَشَفَتْ أنفاسُه
في دهره القاسي العصيبِ
طالما فَتَّشَ،
في البيد الظوامي...
عن طبيبِ
يمسحُ الوحشةَ
والحزنَ...
عن العُمْرِ الكئيبِ
ويردّ الروحَ للروحِ،
ويشفي من لهيبِ
كلما قال: استراح القلبُ...
من أَيْنِ الكروبِ
ووجدْتُ الماءَ.. والظلَّ..
وأشذاءَ الحبيبِ
قَهْقَه الآلُ،
وولّى،
ناكِئاً كلَّ النُّدوبِ
فمضى يذرعُ...
هاتيك الصَّحارى...
بالنحيبِ
وتبقَّى..
مثلما جاء..
وحيداً...
في الدروبِ
(2)
كلّما شبَّبَ،
شبّتْ...
فيه نيرانُ المشيبِ
وبكاه...
ليلُ (عمّانَ)
من الشوقِ المذيبِ
ليس شعراً.. ما يغنّي
إنَّه نَفْثُ القلوبِ
وأنينُ الروحِ..
ذابتْ..
في لظى الـحُزْنِ الرهيبِ
كم يدٍ
قد مدَّها للحُبِّ..
في الكون الرحيبِ
حالماً..
بالريِّ والأفراحِ
والظلِّ الرطيبِ
لم يعدْ
إلّا بفيضِ الدمعِ..
والقلبِ الجديبِ
(3)
جاء ظمآنَ.. إلى الدنيا...
وظمآنَ.. كما الشمسِ،
سيمضي للغروبِ
كتَبَ الشِّعرُ عليه..
كلَّ ألوانَ اللغوبِ
فهو من وادٍ.. لوادٍ..
في دياجيرِ الخطوبِ
وهو من جُرْحٍ.. لجرحٍ..
من شحوبٍ..
لشحوبِ
وحده..
يمشي.. ويكبو..
ثم يغفو..
كالغريبِ!